إليك أسباب ومخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وعلاجه |
إن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يُسمى بـ هوس السوشيال ميديا في وقتنا الحالي واحدة من أكثر الظواهر المعقدة والمضرة للأشخاص والمجتمع. ففي ظل التطور الرقمي الهائل الذي نعيشه واعتماد الكثيرون على استخدام الإنترنت في مختلف شؤون حياتهم أصبح استخدام منصات التواصل الاجتماعي، كالفيسبوك وتويتر والانستجرام وغيرهم، جزءاً أساسياً في حياتنا اليومية.
فلم يعد الأمر مقتصراً على مجرد التواصل مع الآخرين وتجاوز الحدود الزمنية والمكانية بل تفاقم الوضع ليصل إلى درجة إدمان استخدام تلك المواقع. وفي الفترة الأخيرة، كثرت القضايا والجرائم الناتجة عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص في الشرق الأوسط.
وفي مقالنا اليوم سنتحدث عن هوس السوشيال ميديا، وأبرز أسباب ومخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي. وكيف أثرت تلك الظاهرة على حياتنا ومجتمعنا، بجانب عدد من الحلول التي قد تجدي نفعاً في علاج إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
ما المقصود من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؟
إن هوس السوشيال ميديا أو إدمان مواقع التواصل الاجتماعي هو تلك الحالة المرضية التي تنتج نظير الاستخدام المفرط لمنصات التواصل الاجتماعي للدرجة التي تؤثر بشكل سلبي على الصحية النفسية والجسدية.
وهو أحد أشكال الإدمان السلوكي (Behavioural Addiction) والذي يحتاج علاجه وإيقافه الكثير من الوقت والعديد من الممارسات الفعّالة.
ما أسباب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؟
في الحقيقة، هناك الكثير من الأسباب وراء هوس السوشيال ميديا لدى الكثير من الأشخاص في العالم بأكمله خاصة وأنه مع الوقت يتزايد بشكل مستمر أعداد الأشخاص الذين يقضون أوقاتاً ضخمة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي.
خاصة وأن أغلب منصات التواصل الاجتماعي تعمل بخوارزميات ذكية للغاية وشديدة الجاذبية أيضاً، حيث أنها قادرة على توفير المحتوى الذي يفضله الشخص من خلال متابعة سلوكه وتفاعله على تلك المنصات.
وبالتالي يجد الأشخاص على تلك المنصات المحتويات التي تلبي اهتماماتهم، مما يجعل الشخص يستهلك ساعات مستمرة على تلك المنصات دون أن يشعر بالوقت.
ومن هنا يظهر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، وتتعدد الأسباب التي يمكننا إسناد ظاهرة هوس السوشيال ميديا إليها. وفيما يلي بعض أبرز أسباب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي:
توافر محتوى فريد وجذاب بشكل مستمر
توفر لك منصات التواصل الاجتماعي محتوى فريد وجذاب بشكل مستمر، وهذا الأمر كما أوضحنا يرجع إلى طريقة تصميم تلك المنصات نفسها والتي تعمل على جعلك مستمر في استخدامها.
حيث تستخدم منصات التواصل الاجتماعي خوارزميات معينة يتم بواسطتها تتبع سلوكك لمعرفة اهتماماتك وتفضيلاتك بشكل مستمر وتوفير المحتوى المناسب لها.
وقد يكون هذا المحتوى في شكل كتابي عن موضوعات تفضلها أو مقاطع فيديو وصور ومنشورات تجذب اهتمامك وتدفعك لتظل متصلاً لفترات طويلة على تلك المنصات.
الحاجة إلى الإشباع النفسي
واحدة من أهم أسباب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي هو حاجة الأشخاص نفسهم إلى الإشباع النفسي الذي يمكن أن تكون تلك المنصات سبباً في تحقيقه.
فعندما يتفاعل الأشخاص مع بعضهم البعض على تلك المنصات، من خلال الحصول على الإعجابات والتعليقات الإيجابية على المنشورات فإن هذا يخلق شعوراً بالإشباع لدى صاحبه.
مما يجعله يقضي أوقات طويلة ينشر فيها ويتفاعل على تلك المواقع بغرض الحصول على إعجابات وتعليقات إيجابية تشبع الحاجة النفسية لديهم.
التفاعل الفوري والشعور بالانتماء
تتيح منصات التواصل الاجتماعي تفاعلات فورية بين الناس وبعضها البعض، فبمجرد أن ينشر شخصاً ما منشوراً معيناً فإنه يصل إلى الآخرين ويتفاعلون معه بشكل فوري.
مما يخلق لدى الشخص شعوراً بالرضا والانتماء الفوري والذي قد لا يستطيع الحصول عليه من خلال التفاعل والتواصل بشكل فعلي مع الناس من حوله وجهاً لوجه.
الحاجة للهروب من الواقع
يستخدم الكثير من الأشخاص مواقع أو منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة للهرب من المشكلات الواقعية التي تواجههم في حياتهم اليومية.
وتلك من أبرز أسباب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وظهور هوس السوشيال ميديا، خاصة وأن البعض وجد التقدير والاحترام من الناس على تلك المنصات والذي قد لا يتمكن من تحقيقه في الواقع.
كما أن تلك المنصات تكون وسيلة فعّالة للتخلص من الضغوطات اليومية، وهذا لأنها توفر محتوى جذاب وممتع للأشخاص.
بل أنها تجعلهم يتخلصون من الأعباء اليومية ولكن أضرار الأمر أكثر من فوائده كما سنشير تالياً في مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي.
ما هي مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؟
بعد أن تعرّفنا معاً على ماهية هوس السوشيال ميديا والمقصود من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وأسبابه، يمكننا تالياً المضي قدماً في توضيح مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي الحقيقة، الأضرار التي يمكن جنيها نظير الاستخدام المفرط لمنصات ومواقع التواصل الاجتماعي تفوق بكثير المنافع التي قد يحصل عليها الشخص.
الأمر الذي جعل تلك الظاهرة واحدة من أخطر آفات عصرنا الحالي، والتي أثرت على حياة الكثير من الأشخاص بشكل سلبي.
بل أنها كانت سبباً في ارتكاب الجرائم والتغيرات السلبية في سلوكيات الأفراد من حولنا. وفيما يلي أهم مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي الناتجة عن هوس السوشيال ميديا لدى الكثيرين بالعالم:
التأثير السلبي على الصحة النفسية
حيث أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفرط ينتج عنه الكثير من المشكلات النفسية على رأسها: القلق، الاكتئاب، والعزلة الاجتماعية.
إهدار الوقت وانخفاض الإنتاجية الفردية
بسبب الأوقات الضخمة التي يقضيها الكثير من الأشخاص على تلك المنصات انخفضت إنتاجية الأفراد بشكل واضح.
وهذا نظير الوقت الضخم المهدور في استخدام تلك منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، مما يؤثر على الأداء الدراسي والوظيفي أيضاً.
انخفاض جودة النوم
واحدة من أكثر مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي شيوعاً هي تدني جودة نوم الفرد بسبب السهر لساعات طويلة على تلك المنصات.
مما يؤثر بالسلب على الصحة العامة وقدرة الشخص على التركيز والتفكير الإبداعي وغيرها الكثير من المشكلات التي تؤثر على الصحة الجسدية والعقلية.
ظهور المشكلات الاجتماعية
من أشد مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي هو تأثيره السلبي على العلاقات الشخصية والاجتماعية للأفراد.
فـ هوس السوشيال ميديا دفع الكثير من الاِخاص للاعتماد على تلك المنصات في التواصل وبالتالي تقليل التواصل الشخصي الحقيقي مع الناس من حولنا مما يؤدي إلة الكثير من المشكلات الاجتماعية.
الشعور المستمر بعدم الرضا والمقارنة
وذلك بسبب الاستخدام المفرط لتلك المنصات ومشاهدة الناس الذين ينشرون الجوانب الإيجابية فقط على تلك المنصات ظهرت حالة كبيرة من المقارنات وعدم الشعور بالرضا عن الذات
وذلك نتيجة المقارنة المستمرة مع أولئك الذين ينشرون الجوانب الإيجابية فقط لحياتهم، مما يجعل الآخرين يعتقدون أنهم هم الوحيدون الذين لديهم مشكلات وغير قادرين على التمتع بحياتهم كغيرهم.
انخفاض الثقة بالنفس
من ضمن مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً هو زعزعة الثقة بالنفس لدى الأشخاص مدمني تلك المنصات.
وهذا بسبب إجراء المقارنات الدائمة بينهم وبين أولئك الذين ينشرون تفاصيل حياتهم، وبالأخص الأمور الإيجابية، على منصات التواصل الاجتماعي.
الكسل وانخفاض النشاط البدني والحركي
بسبب المحتوى المثير والجذاب الذي توفره منصات التواصل الاجتماعي والذي هو في الأساس من أهم أسباب إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
فإن الأشخاص الذين يعانون من هوس السوشيال ميديا باتو أقل حركة وأكثر كسلاً بسبب عدم رغبتهم في أداء أي نشاط بدني قد يمنعهم من الاستمرار في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة المحتوى الجذاب عليه.
حدوث مشاكل في الحياة الشخصية
وهذا نتيجة انعدام الخصوصية التي تنشأ على تلك المنصات، فأنت أثناء استخدامك لتلك المنصات توفر معلومات شخصية عنك بشكل لا إرادي والتي قد لا ترغب في أن يتعرّف عليها أحد كما أنه ينتج عن هوس السوشيال ميديا الكثير من حالات الخيانة العاطفية.
أهم المشاكل الصحية الناتجة عن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي
بجانب مخاطر الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي التي على الأغلب تتسبب في مشكلات نفسية سيئة الأثر، إلا أن هناك الكثير من المشكلات الصحية التي قد يتعرض لها الأشخاص الذين يعانون من هوس السوشيال ميديا ومنها:
السمنة المفرطة، نتيجة الإفراط في تناول الطعام أثناء استخدام تلك المنصات.
أمراض العيون، بسبب قضاء وقت طويل والنظر إلى الشاشات أثناء تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.
ضعف الجهاز المناعي بسبب كثرة التعرض للأخبار الضاغطة وكذلك الفوضى الكبيرة في المعلومات.
الأرق المستمر والإرهاق، وذلك نتيجة قضاء وقت طويل في تصفح تلك المواقع مع الجلوس في وضعية واحدة والسهر لفترات طويلة.
أمراض القلب والشرايين وضغط الدم التي تنتج عن تأثرك وتفاعلك المستمر مع الأخبار والمنشورات الحزينة والمؤثرة.
كيف تعرف أنك أصبحت مدمنا لمواقع التواصل الاجتماعي؟
هناك بعض العلامات التي إذا ظهرت عليك فقد أصبحت من مدمني مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يجب عليك فوراً وقتها أن تبدأ في إتباع أساليب علاج إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما يلي عدد من العلامات والأمور التي تساعدك في أن تعرف أنك أصبحت مدمنا لمواقع التواصل الاجتماعي أو تعاني من هوس السوشيال ميديا:
قضاء أوقات طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي.
تفضيل استخدام منصات التواصل الاجتماعي كبديل عن التواصل مع الآخرين وجهاً لوجه.
عدم قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء والمقربين من حولك نظير استخدام تلك المنصات لفترة طويلة من اليوم.
الشعور بالقلق والاكتئاب والعصبية الشديدة عندما تتوقف على استخدامها لفترة.
كثرة التفكير والانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي عند ممارسة شؤون حياتك اليومية.
وجود تأثير سلبي على أدائك الدراسي أو إنتاجيتك في العمل بسبب الإرهاق أو السهر لفترات طويلة أثناء استخدام تلك المنصات.
استخدام منصات التواصل الاجتماعي أثناء التجمعات العائلية أو تناول الطعام.
الرغبة في تفويت المناسبات الهامة والتملص من مهامك اليومية لاستخدام تلك المنصات.
ما علاج إدمان مواقع التواصل الاجتماعي؟
في الحقيقة لا يوجد علاج لحظى لحالات الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي أو هوس السوشيال ميديا، بل أن علاج إدمان مواقع التواصل الاجتماعي يكون تدريجياً.
كما أن الأمر يحتاج من الشخص إرادة ومثابرة للتحكم في نفسه وفي الوقت الذي يقضيه على تلك المنصات، وكذلك التحكم في التأثيرات التي تنتج عليه نظير استخدامها.
وفيما يلي عدد من الأساليب الفعّالة والنصائح المجدية التي قد تساعدك في بدء علاج إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والحد من مخاطر هوس السوشيال ميديا:
خصص أوقاتاً معينة من اليوم تستهلكها فقط في استخدام منصات التواصل الاجتماعي، مع الاستعانة بمؤقت الوقت لتنبيهك فور انتهاء الوقت الذي حددته مسبقاً.
إدراج عدد من الهوايات العملية التي يمكنك ممارستها في يومك دون استخدام التكنولوجيا مثل الرسم أو الطبخ أو ممارسة الرياضة كالتمشية والجري.
اجعل رؤية عائلتك وأصدقائك والمقربين منك على رأس أولوياتك.
لا تضع هاتفك الذكي في غرفة نومك لتجنب استخدامه المفرط قبل النوم في تصفح تلك المنصات.
احذف منصات التواصل الاجتماعي من هاتفك الشخصي واقتصر باستخدامها على حاسوبك لتقليل الوقت المستغرق في تصفح تلك المنصات.
لا تشغِّل هاتفك الذكي أثناء ممارسة مهام حياتك اليومية كالعمل أو الدراسة.
تأثير الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي بالمجتمع
في الواقع، لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد قضاء وقت طويل على منصات التواصل الاجتماعي، بل بلغ الأمر إلى الإسهام بشكل كبير في معدلات الجريمة.
فقد ساعد هوس السوشيال ميديا وارتباط الكثير من الأشخاص بتلك المنصات في حدوث الكثير من الجرائم نتيجة حالات التنمر على تلك المنصات أو الخيانة العاطفية.
كما أنها أسهمت أيضاً في انتشار السلوك العدواني والأفكار المتطرفة، خاصة في ظل سهولة نشر الأخبار الكاذبة والشائعات وسرعة تناقلها بين الأشخاص والتي تتسبب في إحداث فوضى عارمة بالمجتمع.
لذا يجب أن نبدأ جميعاً في مواجهة قضية الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي ونمنع أنفسنا من أن نكون ضحايا لظاهرة هوس السوشيال ميديا.
الختام
مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين و نحن من نتحكم في استهلاكنا للمعلومات، ويجب أن نتذكر دائماً أننا مسؤولين عن رؤية العالم بناءً على واقعيته و أهدافنا الشخصية.
فنحن قادرون على الاستفادة من كل ما هو معروض على شاشات التواصل الاجتماعي و بالذي يخدم تطلعاتنا و أهدافنا دون أن نتأثر بالسلب و يكون وقعها كبير على حالتنا النفسية.
فلنسع جميعا لتحقيق النجاح والسعادة بطرق تلبي أهدافنا الشخصية والمهنية وتحقق التوازن في حياتنا، ونتجنب الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي من وضع حدود زمنية للتعامل مع تلك المنصات
مع العمل على إدراك أن تلك المنصات وسيلة للترفيه والتواصل وليست غاية في الحياة، وأنحياتنا الحقيقية وعلاقاتنا الشخصية مع مَن حولنا هي الأهم والأصدق والأجدر بالتركيز على تعزيزها.