كيف تتعامل مع الشخصية الحاسدة وتحمي نفسك بفعالية؟

كيف تتعامل مع الشخصية الحاسدة وتحمي نفسك بفعالية؟
كيف تتعامل مع الشخصية الحاسدة وتحمي نفسك بفعالية؟

قد تبدو مشاعر الحسد طبيعية لدى البشر، إلا أن الشخصية الحاسدة تختلف تمامًا عن ذلك، فهي تمثل نمطًا متكررًا من التفكير والسلوك يجعلها مصدرًا للسمية في الحياة الاجتماعية والمهنية. معرفة سمات هذه الشخصية تساعدنا على حماية أنفسنا من تأثيرها، وتمنحنا فرصة لتقويم ذواتنا إذا لاحظنا بعض ملامحها فينا.

ما معنى الشخصية الحاسدة؟

تُعرّف الشخصية الحاسدة بأنها نمط نفسي وسلوكي يعبّر عن حالة من الضيق العميق والإنزعاج عند رؤية الآخرين يحققون نجاحًا أو يملكون شيئًا مميزًا. لا تكتفي هذه الشخصية بالمراقبة الصامتة، بل غالبًا ما تلجأ إلى السخرية أو التقليل من إنجازات غيرها، وأحيانًا تتعدى ذلك إلى نشر شائعات أو روايات تقلل من شأنهم. هذا السلوك ليس مجرد لحظة عابرة من الغيرة كما يظن البعض، بل هو نمط متكرر ومُتجذر يؤثر على علاقاتهم ويجعل وجودهم مصدرًا دائمًا للطاقة السلبية.

من لمسة إنسانية صغيرة هنا، تخيل صديقًا يشاركك فرحته بترقيته فتجده بدلًا من أن يهنئه بصدق، يعلّق بجفاف أو يقول: «أكيد محظوظين، غيرك يستحق أكثر». أليس هذا المثال الصغير كافيًا ليكشف لنا صورة الشخصية الحاسدة؟

الفرق بين الغيرة والحسد

كثيرًا ما يُخلط بين الغيرة والحسد، رغم أن الفرق بينهما جوهري. الغيرة شعور طبيعي وبشري، يتمثل في رغبتك أن تمتلك ما لدى الآخرين، دون أن تتمنى زواله عنهم. أما الحسد فيحمل جانبًا مظلمًا؛ إذ يتمنى صاحبه ألا ينعم الآخرون بما يملكون، بل وقد يشعر بالفرح إذا فقدوه.

والأخطر أن الشخصية الحاسدة لا تكتفي بالرغبة الخفية، بل قد تسعى للتقليل من قيمة الآخرين أو إفساد سعادتهم بالفعل.

«يُعرّف علماء النفس الحسد بأنه استجابة انفعالية تنبع من مقارنة النفس بالآخرين، تنطوي غالبًا على تمنّي زوال الخير عنهم» (الدكتور طارق الحبيب، 2023).

 

درجات الحسد وأنواعه

من اللافت أن الحسد ليس درجة واحدة، بل يتفاوت بين ما هو عابر إلى ما يصل حد المرض. إليك تفصيلًا لذلك:

1. الحسد العابر

وهو أبسط أنواع الحسد وأقرب ما يكون إلى طبيعة النفس البشرية. يحدث عندما ترى مثلًا سيارة فاخرة لدى صديقك فتقول لنفسك: «يا ليتني أملك مثلها». لكن هذا الإحساس يزول سريعًا ولا يؤثر في علاقتك به أو يدفعك لتمني زوال نعمته.
هذه المرحلة طبيعية، وغالبًا ما تمر بلا ضرر إذا تداركتها بالإمتنان والرضا.

2. الحسد المستتر

هنا يبدأ الحسد يأخذ منحى أعمق. الشخص يشعر بالضيق الصامت عندما يسمع خبرًا سعيدًا عن أحدهم، فيكتفي بالصمت أو يرسل تهنئة فاترة بلا مشاعر حقيقية. قد يتجنب حضور مناسبات مهمة حتى لا يضطر لإظهار الفرح الذي لا يشعر به.

لاحظ أن الشخصية الحاسدة في هذه المرحلة قد لا تكون واضحة جدًا للآخرين، لكنها تعاني داخليًا من الغليان كلما رأت نجاحًا ليس لها.

3. الحسد المرضي

هذا هو أخطر أنواع الحسد، إذ يتطور ليصبح سلوكًا موجهًا لإيذاء الآخرين نفسيًا أو حتى ماديًا.
أمثلة ذلك كثيرة:

  • نشر الإشاعات والتقليل المتعمد من سمعة الآخرين في محيطهم المهني أو الاجتماعي.

  • محاولة تعطيل فرصهم من خلال الكلام السلبي أو التشكيك في قدراتهم.

  • التحريض عليهم داخل العمل أو العائلة.

وقد أشار تقرير نشره موقع Psychology Today عام 2023 إلى أن «الأفراد ذوي النزعة الحاسدة المرضية يعانون غالبًا من تدني مزمن في تقدير الذات، فيسعون لتعويض ذلك بزعزعة مكانة الآخرين» (Psychology Today, 2023).

نحن جميعًا قد نشعر بشيء من الغيرة أحيانًا، لكن الفرق بين الغيرة البسيطة وظهور الشخصية الحاسدة هو كيف ندير تلك المشاعر. الغيرة قد تتحول إلى طموح يدفعنا للأفضل، أما الحسد فيُشعل نارًا تحرق صاحبها قبل غيره. لذا اجعل دواء قلبك الامتنان والتركيز على ذاتك، فإن النجاح واسع والفرص للجميع.

وهنا يأتي دورك لتسأل نفسك بصدق: هل تجد في داخلك ضيقًا حين ترى نجاح الآخرين؟ أم أنك تفرح لهم بصدق وتتمنى أن يأتيك نصيبك من الخير أيضًا؟

جدول يوضح درجات وأنواع الشخصية الحاسدة

النوع

التعريف

مثال واقعي

خطورته

الحسد العابر

إحساس مؤقت بالرغبة فيما عند الآخرين دون تمني زواله عنهم.

تتمنى لو لديك سيارة مثل صديقك ثم تنسى الأمر.

منخفضة جدًا، طبيعي إذا عولج بالرضا.

الحسد المستتر

ضيق داخلي عند رؤية نجاح الآخرين دون إظهار واضح لذلك.

تهنئة باردة أو صمت حين يشاركك صديق خبر ترقيته.

متوسطة، تؤثر على العلاقة وتزيد التوتر.

الحسد المرضي

تمني زوال النعمة عن الآخرين وقد يصل للسعي لإيذائهم.

نشر شائعة في العمل لتقليل فرص زميلك.

عالية جدًا، تفسد العلاقات وتخلق بيئة سامة.


هذا الجدول يلخص لك كيف تتدرج الشخصية الحاسدة من مجرد مشاعر عابرة إلى سلوكيات مؤذية، لتساعدك في فهمها وتشخيصها بدقة أكبر.

صفات وسلوكيات الشخصية الحاسدة

عندما نتحدث عن الشخصية الحاسدة فنحن لا نصف فقط شعورًا عابرًا بالغيرة، بل نمطًا مستمرًا من الأفكار والسلوكيات التي تكشفها حتى أدق التفاصيل اليومية. هذه الصفات تجعل التعامل مع هذه الشخصية مرهقًا نفسيًا، وتترك أثرًا سلبيًا عميقًا في علاقاتها.

التقليل المستمر من نجاحات الآخرين

من أبرز علامات الشخصية الحاسدة أنها لا تستطيع الاعتراف بإنجازات الآخرين بصدق. ستجدها تقول:

  1. هذا نجاح مؤقت ولن يدوم.

  2. مجرد حظ لا أكثر.

  3. لو لم يكن لديه معارف ما وصل لهذا.

هنا، الغرض ليس النقاش بل تحجيم إنجازك حتى لا يشعر بأنه أقل منك. لمسة بشرية صغيرة توضح ذلك: هل صادفت يومًا من يختزل تعبك الطويل في عبارة: «ماشاءالله.. الدنيا حظوظ»؟ مثل هذا التعليق ليس تهنئة بقدر ما هو قناع لحسد دفين.

تجاهل أفراح الناس

الشخصية الحاسدة تجد صعوبة في إظهار الفرح الحقيقي للآخرين. حين يسمع خبر زواج أو ولادة أو حتى ترقية، قد:

  1. يغير الموضوع بسرعة وكأنه لم يسمع.

  2. يلقي تهنئة مقتضبة لا تحمل دفئًا أو ابتسامة صادقة.

  3. يختفي لفترة كي لا يضطر للمشاركة بفرحتك.

هذا التجاهل يؤلم أكثر من النقد أحيانًا، لأنه يكشف مشاعر خفية لا يجرؤ على البوح بها.

البحث عن العيوب

حتى في أجمل إنجازاتك، ستجد الشخصية الحاسدة تدقق لتخرج بعيب يخفف في داخلها من توترك الإيجابي. مثلًا إذا أخبرته أنك اشتريت منزلًا جديدًا، قد يقول لك:

  1. المكان بعيد عن الخدمات.

  2. التصميم قديم قليلًا.

  3. أسعار العقار الآن مبالغ فيها.

وهكذا يطمئن نفسه بأن ما لديك ليس أفضل مما لديه.

«الحاسد حين يرى نجاح الآخرين، يبحث عن أي نقص أو خلل ليقنع عقله أن لا شيء يستحق الغبطة فعلًا» (د. خالد المنيف، 2024).

 

استمتاع مبطن بمصائب الآخرين

وهذه من أخطر سمات الشخصية الحاسدة. ربما لا يصرحون بذلك، لكن يمكنك أن ترى في عيونهم لمعة غريبة أو في كلماتهم تعليقًا يبرر سقوط الآخرين وكأنهم يقولون: «يستاهل».
أمثلة على هذا:

  1. إذا تعطل مشروع صديق ناجح، ستسمعهم يرددون أن هذا جزاء من يتعجل في توسعاته.

  2. حين يفشل زميل في امتحان أو عرض عمل، يذكرون عيوبه السابقة لتبرير فشله.

هنا، لا يكتفون بالمشاهدة بل يتغذون نفسيًا على تعثرك لتزدهر لديهم قناعة مؤقتة بأنهم ليسوا أقل منك.

حين تتعامل مع الشخصية الحاسدة، تذكّر أن وراء هذا السلوك غالبًا قلبًا مملوءًا بنقص التقدير لذاته. هذا لا يبرر أذاه، لكنه يجعلك ترى الصورة بوعي أكثر فتضع حدودك بسلام دون أن تنجر لساحة منافساته النفسية. والأهم أن تراقب نفسك أيضًا، فربما في لحظة ضعف تصبح أنت مرآة لما تكره رؤيته في غيرك.

جدول يوضح صفات وسلوكيات الشخصية الحاسدة

السلوك

كيف يظهر؟

التأثير على الآخرين

التقليل من نجاحات الآخرين

تعليقات مثل: «مجرد حظ»، «نجاح مؤقت»

يشعر الشخص الآخر بالإحباط وقلة التقدير.

تجاهل أفراح الناس

تهنئة فاترة أو تغيير الموضوع عند سماع خبر سعيد

يخلق فتورًا ويضعف الروابط الاجتماعية.

البحث المستمر عن العيوب

التركيز على سلبيات أي إنجاز مهما كان بسيطًا

يقلل من حماس الشخص وفخره بما أنجز.

الاستمتاع بمصائب الآخرين

تبرير سقوط الآخرين أو إظهار راحة مبطنة

ينشر طاقة سلبية ويهدم الثقة.


هذا الجدول يلخص لك كيف تتحول صفات الشخصية الحاسدة إلى مواقف عملية قد تهدم أجمل العلاقات وتجعل أبسط اللحظات السعيدة محمّلة بالثقل والريبة.

لماذا يتصرف الشخص الحاسد بهذه الطريقة؟

عندما ننظر بعمق إلى دوافع الشخصية الحاسدة، نجد أن وراء سلوكياتها أسبابًا نفسية واجتماعية متداخلة. هؤلاء الأشخاص لا يولدون عادة بهذه الطباع، بل تتكون لديهم مع مرور الوقت نتيجة ظروف خاصة وتجارب حياتية مؤثرة.

ضعف تقدير الذات

من أبرز جذور الشخصية الحاسدة هو ضعف تقدير الذات. فالشخص الحاسد غالبًا يشعر في داخله بنقص، يرى نفسه أقل مكانة أو كفاءة من غيره. حين يشاهد إنجازات الآخرين، بدلًا من أن يلهمه ذلك لتحسين نفسه، يبحث عن تقليلهم كي يشعر بتوازن وهمي ويقنع نفسه بأنه ليس متخلفًا عن الركب.

«الحاسد يعاني من صراع داخلي مستمر بين ما يريده لنفسه وما يراه يتحقق لغيره» (د. مصطفى عبده، 2024).

 

التربية والمجتمع

هناك بيئات أسرية ومدارس تعزز المقارنات منذ الطفولة. ربما سمع هذا الشخص مرارًا:

  1. لماذا لا تكون مثل ابن عمك المتفوق؟

  2. جارك حصل على درجات أعلى منك.

  3. فلان اشترى بيتًا أفضل، متى تفعل مثله؟

هذه التربية تجعل الإنسان يربط قيمته الذاتية بمدى تفوقه على الآخرين، لا بقيمته الشخصية الحقيقية، فينشأ لديه حسد دفين كلما رأى أحدًا يتقدم عليه.

العقلية النادرة مقابل العقلية الوفيرة

تؤمن الشخصية الحاسدة بما يسمى «العقلية النادرة»، أي أن الفرص والنجاحات محدودة جدًا. إذا نجح غيري، ففرصي أقل. أما أصحاب «العقلية الوفيرة» فيدركون أن رزق الله واسع، والفرص لا تنتهي. لذلك تجد الحاسد يتألم سرًا كلما شاهد غيره يتقدم، وكأنه سلب منه نصيبه الخاص.

أثر الشخصية الحاسدة على العلاقات

في الصداقات

وجود صديق حاسد يفسد أجواء المشاركة والثقة. تخشى أن تخبره بفرحتك فتجد عينه زائغة، وكلماته ثقيلة، وربما يعلق تعليقًا محبطًا يجعلك تندم أنك شاركت فرحتك أصلًا. هكذا تفضل أن تكتم أخبارك حتى لا تتحول لاحقًا إلى مادة حاسدة أو نقدية.

في محيط العمل

في بيئة العمل، يخلق وجود موظف أو مدير حاسد أجواء تنافسية سامة. هنا لا تجد دعمًا حقيقيًا ولا تشجيعًا عند النجاح. بل قد يسعى الشخص الحاسد إلى:

  1. نشر الشائعات لتقليل منجزاتك.

  2. إظهار أخطائك الصغيرة بصورة كبيرة.

  3. إبعادك عن فرص مهمة حتى لا تتقدم عليه.

على الأسرة

حتى العلاقات الأسرية تتضرر من الشخصية الحاسدة. فقد تجد أخًا أو أختًا يختفي في أفراحك، أو يحبطك عند كل إنجاز. ربما تسمع منه تعليقات مثل: «كل هذا التعب من أجل سيارة؟» أو «بيت صغير على قدك». هكذا تنشأ صراعات صامتة ويفضل البعض تقليل التواصل هربًا من تلك الطاقات الثقيلة.

عندما تفهم دوافع الشخصية الحاسدة، ستدرك أن وراءها غالبًا قلبًا خائفًا وفقيرًا بالثقة. لا يعني ذلك أن تقبل أذاها، لكن قد يجعلك ذلك أرحم في تقييمها. ضع حدودك الصحية بوضوح، وواصل طريقك بابتسامة، فالنجاحات تبقى أجمل عندما لا يعكرها حسد ولا مقارنة.

كيف تعرف أنك تملك سمات الشخصية الحاسدة؟

قد يكون من الصعب على أي منا الاعتراف بأنه يحمل شيئًا من صفات الشخصية الحاسدة، فهي سمات غالبًا ما نخجل منها ونفضل إنكارها. لكن الوعي الذاتي هو أول خطوة نحو التغيير والتحرر من هذه المشاعر المؤذية.

أسئلة تساعدك على التشخيص الذاتي

حاول أن تجيب بصدق عن هذه الأسئلة، بعيدًا عن تبريرات العقل الدفاعية. أغمض عينيك للحظة واسأل نفسك:

  1. هل يزعجك سماع أخبار نجاح أصدقائك وتشعر بضيق داخلي بدلًا من الفرح لهم؟.

  2. هل تجد نفسك تميل إلى البحث عن مبررات تقلل من إنجازات الآخرين مثل قولك: «هو محظوظ فقط» أو «معارفه ساعدوه»؟.

  3. هل لاحظت أنك تشعر بشيء من الراحة أو حتى متعة خفية عندما يتعثر أو يفشل شخص ناجح كنت تراقبه؟.

  4. هل تجد نفسك تتجاهل تهنئة الآخرين بصدق في لحظاتهم السعيدة، أو تؤجل المباركة حتى لا تضطر للتظاهر بفرح لا تشعر به؟.

إذا أجبت بـ«نعم» متكررة على هذه الأسئلة، فقد تكون هناك جذور صغيرة لـ الشخصية الحاسدة في داخلك تحتاج إلى مراقبة ورعاية خاصة كي لا تكبر وتسيطر على علاقاتك ومشاعرك.

«التشخيص الذاتي الصادق هو الباب الأول للتغيير، فمن لا يرى عيوبه لا يمكنه إصلاحها» (د. وليد سرحان، 2024).

 

لا تخف أو تشعر بالذنب المفرط إذا اكتشفت بعض هذه الإجابات فيك. كل إنسان يحمل خليطًا من المشاعر، منها ما هو جميل ومنها ما يحتاج تهذيبًا. المهم أن تبدأ بتهذيب هذه المشاعر لتحيا قلبًا أخف وأصفى، ولتكون علاقاتك أكثر صدقًا ودفئًا.

جدول يوضح أسئلة التشخيص الذاتي لسمات الشخصية الحاسدة

السؤال

ماذا يكشف؟

هل يزعجك سماع أخبار نجاح أصدقائك وتشعر بضيق بدلًا من الفرح؟

يدل على حساسية داخلية تجاه تفوق الآخرين.

هل تميل لإيجاد مبررات تقلل من إنجازات الآخرين مثل «كان محظوظًا فقط»؟

يشير إلى محاولات عقلية لتقليل نجاح الغير كي تهدأ نفسك.

هل تستمتع ضمنيًا عندما يتعثر شخص ناجح؟

يكشف عن رغبة خفية بزوال نعم الآخرين لتشعر بالارتياح.

هل تجد نفسك تتجاهل تهنئة الآخرين في لحظاتهم السعيدة؟

يعكس صعوبة إظهار الفرح للغير وربما وجود غيرة متجذرة.


هذا الجدول يساعدك على رؤية نمط إجاباتك بوضوح، لتكتشف إن كانت لديك بعض ملامح الشخصية الحاسدة وتبدأ في معالجتها برفق ووعي.

طرق التعامل مع الشخصية الحاسدة

ليس سهلًا أن تتعامل مع الشخصية الحاسدة سواء كانت في محيطك أو في داخلك. لكن الوعي بأساليب التعامل الصحيحة يخفف كثيرًا من ثقل هذا العبء ويمنحك راحة ذهنية وعاطفية.

إذا كانت في محيطك

حين تلاحظ أن شخصًا حولك يحمل سمات الشخصية الحاسدة، يمكنك التصرف بحكمة عبر الخطوات التالية:

  1. قلل مشاركتك لتفاصيل حياتك الخاصة أمامه، خصوصًا أخبارك السعيدة أو خططك القادمة، حتى لا يوجه لك طاقة سلبية.

  2. لا تدخل معه في جدالات لإثبات جدارة نجاحك، لأنك مهما حاولت إقناعه سيجد ثغرة للنقد والتقليل. كلما بررت وتحدثت زاد نقده.

  3. حاول أن تنظر له بشيء من التعاطف البعيد، فقد يكون ضحية تربية قاسية أو نقص ثقة متراكم منذ الطفولة.

إذا اكتشفتها في نفسك

أحيانًا نحتاج شجاعة كبيرة للاعتراف بأن بعض ملامح الشخصية الحاسدة في داخلنا. إذا شعرت بذلك، جرب:

  1. درب نفسك على الامتنان، اكتب كل ليلة ثلاث نعم في حياتك مهما كانت بسيطة، فهذا يقلل حاجتك للمقارنة.

  2. قدّر مجهود الآخرين وهنئهم من قلبك، حتى لو شعرت بغصة خفيفة في البداية. مع الوقت ستخف هذه الغصة.

  3. ركز على تطوير نفسك ومشاريعك بدل أن تستهلك طاقتك في متابعة حياة غيرك وتقييمها.

وقاية ذاتية: كيف تتجنب أن تصبح حاسدًا؟

للوقاية من الانزلاق إلى دائرة الشخصية الحاسدة:

  1. قلل من تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تعرض حياة الناس بشكل مبالغ فيه لا يمثل الواقع، مما يغذي المقارنات السامة.

  2. اجعل مقياسك الوحيد هو نفسك، قارن بين إنجازك اليوم وما كنت عليه أمس، لا بما وصل إليه غيرك.

  3. أحط نفسك بأشخاص داعمين يفرحون لك وتفرح لهم، فالمشاعر معدية، والصحبة الطيبة تنعكس مباشرة على نفسيتك.

أمثلة واقعية توضح أثر الشخصية الحاسدة

صديقة نجحت في عملها

تحكي إحدى السيدات أنها بعدما حصلت على ترقية كبيرة في عملها، لاحظت فتورًا غريبًا من صديقتها المقربة. بدأت تلك الصديقة تعلق بسخرية على ملابسها الجديدة وسيارتها، ثم اختفت تدريجيًا من حياتها. هذا نموذج واضح لكيفية تدمير الشخصية الحاسدة للعلاقات حتى لو كانت متينة سابقًا.

زميل عمل

يروي شاب تجربته مع زميل بدا في الظاهر ودودًا، لكنه كان يحرص أمام الإدارة على إبراز أخطائه الصغيرة في التقارير. بعد فترة اكتشف أن هذا الزميل كان يطمح لنفس المنصب الذي حصل عليه لاحقًا. هذه الحادثة تكشف جانبًا عمليًا من خطر الشخصية الحاسدة في بيئة العمل.

«الحسد لا يحرق إلا صاحبه أولًا، فهو يعيش قلقًا دائمًا من مقارنة نفسه بالآخرين» (د. سلمان العودة، 2024).

 

الحياة قصيرة جدًا لتضيعها في حساب إنجازات الآخرين أو ملاحقة أخبارهم بحسد. حين تفرح بصدق لنجاح غيرك، ستحس بخفة جميلة في قلبك وستفتح لك أبواب رزق وفرح لم تتخيلها. جربها ليوم واحد، وراقب الفرق.

الأسئلة الشائعة حول الشخصية الحاسدة

ما هي الشخصية الحاسدة وكيف تؤثر على حياتي؟

الشخصية الحاسدة هي نمط نفسي يتميز بالشعور بالضيق من نجاح الآخرين، ما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والمهنية.

كيف أفرق بين الغيرة الطبيعية والشخصية الحاسدة؟

الغيرة طبيعية وتتضمن رغبة في التحسن دون تمني زوال النعم عن الآخرين، أما الشخصية الحاسدة فتتمنى زوال النعمة.

ما هي علامات وجود الشخصية الحاسدة في نفسي أو من حولي؟

مثل التقليل من نجاح الآخرين، تجاهل أفراحهم، البحث عن عيوبهم، والاستمتاع بمصائبهم.

كيف أتعامل مع شخص يحمل سمات الشخصية الحاسدة؟

قلل مشاركة تفاصيلك الخاصة، لا تدخل في جدالات معه، وحاول أن تتحلى بالتعاطف مع وضعه النفسي.

هل يمكنني التخلص من سمات الشخصية الحاسدة إذا وجدت نفسي أمتلكها؟

نعم، بالوعي الذاتي، والامتنان، وتركيزك على تطوير ذاتك بدل مقارنة نفسك بالآخرين.

خلاصة ودعوة للتأمل

الشخصية الحاسدة لا تؤذي فقط من حولها بل تتآكل هي نفسها من الداخل، تعيش في ضيق وحسرة مستمرة. أما مواجهة هذا النمط في المحيط فتتطلب وعيًا وحدودًا واضحة. تذكّر أن أجمل انتصاراتك هي حين تهنئ الآخرين بصدق وتفرح لهم، فتزيد البركة في حياتك أيضًا. شاركنا رأيك، هل قابلت يومًا شخصية حاسدة؟ وكيف تعاملت معها؟

المصدر: نور الإمارات - دبي. الآراء الواردة في المقالات والحوارات لا تعبر بالضرورة عن رأي نور الإمارات.

نور الإمارات

منصة عصرية تُلبي اهتماماتكم تمامًا! نُدرك أن عالمنا اليوم مليء بالأحداث والتطورات المتسارعة، ولذلك نُقدم لكم مجموعة متنوعة من المقالات الشيقة التي تُغطي جميع جوانب الحياة العصرية. سواء كنتم تبحثون عن أحدث أخبار التكنولوجيا، أو نصائح الصحة والجمال، أو مقالات عن الثقافة والفنون، فإن "نور الإمارات" هي وجهتكم المُثلى. email twitter facebook instagram linkedin youtube telegram

أحدث أقدم

نموذج الاتصال