![]() |
ما هي العقارات المستدامة ولماذا أصبحت ضرورة لا خيارًا؟ |
في ظل تزايد التحديات البيئية حول العالم، لم يعد من الممكن تجاهل الأثر الكبير الذي تتركه العقارات التقليدية على البيئة. وهنا يبرز مفهوم العقارات المستدامة كحل ذكي وفعال، يجمع بين الوعي البيئي، والكفاءة الاقتصادية، وتحسين جودة الحياة. لكن، ما المقصود فعلًا بالعقارات المستدامة؟ ولماذا أصبحت خيارًا مفضلًا في المدن المتقدمة مثل دبي وأبوظبي؟
في هذا المقال، نستعرض المفهوم بوضوح، ونكشف عن أهميته للمستثمرين والسكان على حد سواء، مع أمثلة حقيقية وتفصيلات عملية.
ما المقصود بـالعقارات المستدامة؟
في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، أصبحت العقارات المستدامة جزءًا أساسيًا من مستقبل القطاع العقاري، وليس مجرد خيار تجميلي أو ترفيهي. لكن، لفهم جوهر هذا المفهوم، علينا أن نتأمل كيف تُبنى هذه العقارات، ولماذا تختلف عن غيرها.
تعريف العقارات المستدامة
تشير العقارات المستدامة إلى المباني التي تُخطط وتُشيَّد وتُدار بهدف تقليل الأثر البيئي، وتحقيق كفاءة عالية في استهلاك الطاقة والمياه، مع ضمان بيئة صحية ومريحة للقاطنين. إنها مبانٍ تفكر في الناس والبيئة معًا، وتحمل رؤية طويلة الأمد تستهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية دون المساس بجودة الحياة.
أبرز خصائص العقارات المستدامة
-
تخطيط واعٍ للموقع يستند إلى تحليل العوامل المناخية مثل اتجاه الشمس والرياح لتحقيق أقصى استفادة من التهوية والإضاءة الطبيعية.
-
استخدام مواد بناء صديقة للبيئة قابلة لإعادة التدوير وخالية من المواد السامة التي تؤثر على جودة الهواء الداخلي.
-
أنظمة موفرة للطاقة مثل الإضاءة منخفضة الاستهلاك، العزل الحراري الذكي، والألواح الشمسية التي تُقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
-
إدارة ذكية للمياه من خلال أجهزة تحكم ترشّد الاستهلاك، واستخدام مياه رمادية معاد تدويرها لري المساحات الخضراء.
-
تصميم داخلي يعزز الراحة النفسية والصحة الجسدية عبر توفير تهوية جيدة، وإضاءة طبيعية كافية، ومواد تشطيب لا تسبب تحسسًا أو تلوثًا داخليًا.
أبعاد الاستدامة في العقار
لا تقتصر العقارات المستدامة على تقنيات بناء متطورة فقط، بل تشمل منظورًا شموليًا يرتكز على ثلاث دعائم رئيسية:
-
الاستدامة البيئية: تقليل الانبعاثات والنفايات واستهلاك الموارد.
-
الاستدامة الاقتصادية: خفض التكاليف التشغيلية وزيادة عمر المبنى الافتراضي.
-
الاستدامة الاجتماعية: توفير بيئة سكنية صحية وآمنة ومحفّزة على جودة الحياة.
كيف تختلف العقارات المستدامة عن التقليدية؟
بينما تُركّز العقارات التقليدية غالبًا على عوامل جمالية أو مساحات داخلية فقط، تهتم العقارات المستدامة بدورة حياة المبنى بالكامل. فهي تبدأ من التصميم الذكي وتنتهي بأسلوب التشغيل الذي يحافظ على البيئة. مثلًا، قد يبدو مبنى تقليدي جميلًا من الخارج، لكنه يستهلك طاقة ضخمة ويُنتج نفايات غير مُدارة، بينما المبنى المستدام يقدم أداءً وظيفيًا أفضل بأقل ضرر ممكن للطبيعة.
لماذا يتزايد الطلب على العقارات المستدامة؟
-
ارتفاع وعي السكان بأهمية العيش في بيئة صحية وخالية من الملوثات.
-
توفير في فواتير الكهرباء والماء على المدى الطويل.
-
دعم حكومي متزايد وتسهيلات تنظيمية للمشاريع الخضراء.
-
ارتفاع القيمة السوقية للعقارات المستدامة مقارنة بنظيراتها التقليدية.
بحسب تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-Habitat في عام 2023، فإن المباني تستهلك أكثر من 40٪ من إجمالي الطاقة عالميًا، وتسهم بنسبة 30٪ من انبعاثات الكربون، مما يجعل العقارات المستدامة أداة حاسمة لمكافحة تغير المناخ. المصدر: UN-Habitat Global Report on Human Settlements 2023.
الركائز الأساسية لـالعقارات المستدامة
لا يمكن تحقيق الاستدامة في البناء دون العودة إلى الأساسيات. كل مشروع ناجح في مجال العقارات المستدامة يبدأ من فكرة واعية ومدروسة تضع البيئة والموارد في صلب عملية التصميم والبناء. هذه الركائز لا تضمن فقط تقليل الأثر البيئي، بل ترفع أيضًا من كفاءة المبنى وتقلل تكاليفه التشغيلية على المدى البعيد.
التخطيط الذكي للموقع
اختيار الموقع ليس خطوة عشوائية في مشاريع العقارات المستدامة بل عملية دقيقة تأخذ في الحسبان:
-
اتجاه الشمس لضمان أقصى استفادة من الإضاءة الطبيعية وتقليل الحاجة للإضاءة الصناعية خلال النهار.
-
حركة الرياح للاستفادة منها في التهوية وتقليل الاعتماد على أنظمة التكييف.
-
القرب من وسائل النقل العامة والمرافق لتقليل الحاجة لاستخدام السيارات الخاصة.
هذا النوع من التخطيط يقلل من البصمة الكربونية للمبنى من أول يوم.
التصميم البيئي المتكامل
تعتمد العقارات المستدامة على دمج مبادئ العمارة الخضراء منذ المراحل الأولى. ومن أبرز هذه المبادئ:
-
استخدام العزل الحراري في الجدران والأسقف للحفاظ على درجة حرارة معتدلة داخل المبنى.
-
تصميم الفتحات والنوافذ بشكل مدروس لتحقيق التهوية المتقاطعة.
-
الاستفادة من العناصر الطبيعية كالأشجار والمياه لتبريد المساحات الخارجية بشكل طبيعي.
هذه الأساليب تخفض الحاجة للطاقة وتمنح القاطنين راحة طبيعية دون استهلاك مفرط.
أنظمة توفير الطاقة والمياه
لا تكتمل أي خطة ناجحة في العقارات المستدامة دون اعتماد تقنيات ذكية لتقليل استهلاك الطاقة والمياه. ومن بين هذه التقنيات:
-
تركيب ألواح شمسية لتوليد الكهرباء المستدامة.
-
استخدام مصابيح LED وأجهزة كهربائية عالية الكفاءة.
-
أنظمة تكييف تعتمد على التحكم الذكي في درجات الحرارة حسب أوقات الاستخدام.
-
خلاطات ومراحيض موفرة للمياه.
-
تجميع مياه الأمطار واستخدامها في ري الحدائق.
هذه الأنظمة لا تقلل فقط من التكاليف بل ترفع من قيمة العقار عند البيع أو التأجير.
اختيار مواد البناء البيئية
عنصر بالغ الأهمية في تطوير العقارات المستدامة هو المواد المستخدمة في البناء. يجب أن تكون:
-
قابلة لإعادة التدوير مثل الحديد والألمنيوم المعاد تدويرهما.
-
خالية من المركبات العضوية المتطايرة التي تؤثر على جودة الهواء.
-
محلية الصنع للحد من الانبعاثات الناتجة عن النقل.
-
مصنّعة بطرق تقلل من استهلاك الطاقة والمياه خلال الإنتاج.
استخدام هذه المواد يُسهم في بناء مبانٍ تدوم أطول وتؤثر أقل على البيئة المحيطة.
الإدارة الذكية للمخلفات
من أهم ما يميز العقارات المستدامة هو الوعي بكامل دورة حياة المبنى، بما في ذلك ما بعد البناء. ولذلك يتم:
-
فرز النفايات خلال مرحلة الإنشاء وإعادة استخدام المواد حيثما أمكن.
-
توفير مساحات مخصصة لفرز نفايات السكان يوميًا.
-
دعم مبادرات إعادة التدوير داخل المجمعات السكنية.
هذه الخطوات تجعل المجتمعات أكثر وعيًا، وتُسهم في خلق بيئة نظيفة على المدى الطويل.
في دراسة أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة IEA في عام 2023، تبين أن المباني التي تطبق أساليب كفاءة الطاقة يمكنها تقليل استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 60 بالمئة مقارنة بالمباني التقليدية، مما يجعل من العقارات المستدامة خيارًا اقتصاديًا بقدر ما هو بيئيًا.المصدر: International Energy Agency – Energy Efficiency Report 2023.
لماذا يتجه المستثمرون إلى العقارات المستدامة؟
شهد السوق العقاري في السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في توجهات المستثمرين، حيث بدأت العقارات المستدامة تفرض نفسها كخيار استثماري مفضل لدى شريحة كبيرة من المستثمرين حول العالم، خصوصًا في الأسواق الناضجة مثل دولة الإمارات. والسبب يعود إلى مجموعة من العوامل المالية والتنظيمية والاجتماعية التي تجعل هذا النوع من العقارات أكثر جاذبية وربحية على المدى الطويل.
عائد استثماري مستقر ومضمون
رغم أن تكلفة البناء في العقارات المستدامة قد تكون أعلى بنحو 5 إلى 10 بالمئة مقارنة بالعقارات التقليدية، فإنها:
-
تقلل من فواتير الطاقة والمياه بفضل الأنظمة الموفرة.
-
تتطلب صيانة أقل نتيجة استخدام مواد عالية الجودة وتقنيات ذكية.
-
تحافظ على أدائها الوظيفي والبيئي لسنوات أطول.
هذا التوفير المستمر ينعكس على قيمة العائد الاستثماري، ويمنح المستثمر ثقة أكبر في استدامة المشروع وربحيته على المدى الطويل.
جاذبية السوق للمشترين والمستأجرين
تشهد العقارات المستدامة اهتمامًا متزايدًا من قبل المشترين والمستأجرين الباحثين عن:
-
بيئة صحية وجودة حياة أعلى.
-
توفير مالي في فواتير الطاقة والمياه.
-
مساهمة شخصية في تقليل الأثر البيئي.
وهذا الإقبال يجعل العقارات المستدامة أكثر قدرة على الحفاظ على قيمتها السوقية، بل وتحقيق زيادات دورية في سعرها عند إعادة البيع أو عند التأجير.
دعم حكومي وتحفيز تنظيمي
في دولة الإمارات، باتت الجهات التنظيمية تقدم مجموعة من الحوافز للمطورين الذين يلتزمون ببناء عقارات مستدامة، منها:
-
تسريع إجراءات إصدار التراخيص من الجهات المختصة.
-
منح إعفاءات ضريبية على بعض المواد أو الخدمات البيئية.
-
توفير تمويل منخفض الفائدة للمشاريع التي تطبق معايير الاستدامة.
مثلًا، يفرض نظام "السعفات" في دبي تصنيفًا بيئيًا للمباني الجديدة، في حين يشترط نظام "استدامة" في أبوظبي الحصول على نجمة واحدة على الأقل للترخيص. الالتزام بهذه المعايير لا يمنح فقط تسهيلات تنظيمية، بل يُعزز صورة المشروع في السوق.
استجابة ذكية لمتطلبات المستقبل
الاستثمار في العقارات المستدامة يعني الاستعداد المبكر لتغيرات السوق. فمع توجه السياسات العالمية نحو الحد من الانبعاثات الكربونية، ستصبح المعايير البيئية شرطًا أساسيًا لأي تطوير عقاري. بالتالي، فإن المشاريع التي تتبنى الاستدامة اليوم ستكون الأكثر توافقًا مع قوانين الغد، والأكثر قدرة على المنافسة.
بحسب تقرير "Knight Frank" للاستثمار العقاري العالمي لعام 2024، فإن 71 بالمئة من المستثمرين المؤسسيين يضعون الاستدامة كعامل رئيسي في قرارات الشراء العقاري، في إشارة واضحة إلى أن العقارات المستدامة أصبحت عنصرًا استراتيجيًا في إدارة المحافظ الاستثمارية.المصدر: Knight Frank – Global Sustainability Investment Report 2024.
كيف تؤثر العقارات المستدامة على أسلوب الحياة؟
عند الحديث عن العقارات المستدامة، غالبًا ما يُسلط الضوء على جوانبها البيئية والاقتصادية فقط. لكن ما يغيب عن أذهان البعض هو تأثيرها العميق على نمط الحياة اليومي، وعلى تجربة السكان داخل هذه المجتمعات الحديثة.
بيئة صحية وجودة هواء أفضل
واحدة من أبرز الفروقات بين المباني التقليدية والعقارات المستدامة هي جودة الهواء الداخلي. يعود ذلك إلى استخدام:
-
أنظمة تهوية طبيعية محسّنة تسمح بتجديد الهواء باستمرار دون الحاجة إلى تشغيل مكيفات طوال الوقت.
-
مواد بناء وتشطيب خالية من المركبات العضوية المتطايرة التي تسبب تهيج الجهاز التنفسي والحساسية.
-
تصميم داخلي يسمح بدخول الضوء الطبيعي، ما يقلل من الاعتماد على الإضاءة الصناعية ويُحسّن من الصحة النفسية.
النتيجة هي بيئة أكثر راحة وصحة، تقل فيها نسبة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والإجهاد اليومي.
مساحات خضراء وحياة مجتمعية نشطة
تصميم مشاريع العقارات المستدامة لا يركز فقط على المبنى نفسه، بل يشمل المساحات المحيطة التي تعزز الترابط الاجتماعي وجودة الحياة. ومن أبرز ما توفره هذه المجتمعات:
-
ممرات واسعة للمشاة والدراجات تشجع على النشاط البدني وتقلل من استخدام السيارات.
-
حدائق مجتمعية مشتركة يمكن للسكان زراعتها والمشاركة في رعايتها، مما يعزز من روح التعاون والانتماء.
-
مناطق اجتماعية مفتوحة مخصصة للتجمعات، اللقاءات، وورش العمل البيئية والتعليمية.
هذه العناصر تحوّل المجمع السكني إلى بيئة تفاعلية نابضة بالحياة، تجعل السكان يشعرون بأنهم جزء من نسيج اجتماعي متماسك.
راحة نفسية ناتجة عن الشعور بالمسؤولية البيئية
السكن في مشروع يُطبق مبادئ العقارات المستدامة لا يمنح الراحة الجسدية فقط، بل يُشعر الأفراد بأنهم يساهمون في الحفاظ على الكوكب. هذا الارتباط النفسي له تأثير إيجابي مباشر على جودة الحياة، ويعزز من الشعور بالرضا والانتماء لمكان السكن.
أمثلة واقعية لـالعقارات المستدامة في الإمارات
مدينة مصدر – أبوظبي
تُعد مدينة مصدر واحدة من أوائل النماذج في الشرق الأوسط التي جسدت مفهوم الاستدامة على مستوى مدينة كاملة. تم تصميمها لتكون:
-
خالية من الانبعاثات الكربونية.
-
تعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة كبيرة.
-
تقلل من استخدام السيارات لصالح نظام نقل كهربائي داخلي.
كما تتميز المدينة باستخدام مواد محلية مستدامة وتصميمات تقليدية مستوحاة من العمارة الخليجية القديمة، مما يخلق توازنًا فريدًا بين الحداثة والتراث.
مشروع "ذا سستينبل سيتي" – دبي
يقف هذا المشروع كنموذج واضح على كيفية الجمع بين الفخامة والاستدامة. يضم المشروع:
-
فلل تعمل بالطاقة الشمسية تغطي أكثر من 100 بالمئة من احتياجاتها الكهربائية.
-
مرافق لإعادة التدوير على مستوى كل وحدة سكنية.
-
حدائق زراعية تعاونية تتيح للسكان زراعة الخضروات والفاكهة بأنفسهم.
بالإضافة إلى مساحات تعليمية ومجتمعية تحفز الوعي البيئي، مما يجعل المشروع أكثر من مجرد سكن، بل بيئة متكاملة لتبني نمط حياة أخضر.
وفقًا لتقرير أصدرته "World Green Building Council" عام 2024، فإن السكان في المجتمعات المستدامة يتمتعون بمستويات أعلى من الرضا العام وجودة الحياة بنسبة تزيد عن 30 بالمئة مقارنة بالمجتمعات السكنية التقليدية، مما يثبت أن العقارات المستدامة ليست فقط خيارًا اقتصاديًا، بل نمط حياة عصري وإنساني.المصدر: WorldGBC – Health and Wellbeing in Green Buildings Report 2024.
ما التحديات التي تواجه العقارات المستدامة؟
رغم الفرص الاستثمارية والبيئية التي تقدمها العقارات المستدامة، لا تزال هناك مجموعة من العقبات التي تقف في طريق انتشارها بشكل واسع، خاصة في الأسواق النامية أو غير المنظمة بشكل كافٍ. هذه التحديات تحتاج إلى تعامل استراتيجي من قبل المطورين والحكومات والمستثمرين على حد سواء.
ارتفاع التكاليف الأولية
أحد أبرز التحديات يتمثل في أن بناء مشروع مستدام يتطلب استثمارات أكبر في المرحلة الأولية مقارنة بالمشاريع التقليدية. ويعود ذلك إلى:
-
الحاجة لاستخدام مواد بناء ذات جودة عالية وصديقة للبيئة.
-
تركيب أنظمة ذكية لتوفير الطاقة وإدارة المياه.
-
توظيف خبرات هندسية متخصصة في التصميم البيئي.
هذا الفارق في التكلفة قد يجعل بعض المطورين يختارون الحلول الأرخص على حساب الاستدامة، خصوصًا في غياب حوافز حكومية واضحة أو دعم مالي مباشر.
ضعف الوعي السوقي
رغم تزايد الحديث عن الاستدامة، إلا أن كثيرًا من المشترين والمستثمرين لا يزالون يُقيّمون العقار بناءً على السعر المبدئي فقط دون النظر إلى:
-
تكاليف التشغيل المستقبلية.
-
جودة الحياة داخل المبنى.
-
التأثير الإيجابي طويل الأمد على الصحة والبيئة.
غياب هذا الوعي يجعل الطلب على العقارات المستدامة في بعض الأسواق أضعف مما ينبغي، ويُحجّم من حماس المطورين للدخول في هذا المجال.
نقص الكوادر المتخصصة
تصميم وتنفيذ مشاريع العقارات المستدامة يتطلب خبرات مهنية متخصصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والهندسة البيئية، وتخطيط المدن الخضراء. وفي بعض الأسواق، يُعتبر هذا النوع من الكفاءات نادرًا أو مكلفًا، مما يعقّد تنفيذ المشاريع بكفاءة وجودة.
صعوبة إثبات العائد الاستثماري السريع
في بعض الحالات، يبحث المستثمرون عن أرباح سريعة ودورية، بينما تتطلب العقارات المستدامة أفقًا استثماريًا أطول حتى تبدأ العوائد في الظهور بوضوح من خلال التوفير في الفواتير أو زيادة القيمة السوقية. هذا الفارق في التوقعات قد يخلق فجوة بين مزايا العقار المستدام ورغبة المستثمر التقليدي.
أشار تقرير أصدرته مؤسسة "McKinsey & Company" عام 2023 إلى أن 53 بالمئة من مطوري المشاريع في الشرق الأوسط يعتبرون التكاليف الأولية وغياب الوعي السوقي أبرز العوائق أمام توسع مشاريع العقارات المستدامة، مؤكدًا الحاجة لتدخل تنظيمي وتشريعي لدعم هذا التحول.المصدر: McKinsey – Building a Greener Middle East Real Estate Sector Report 2023.
اتجاهات مستقبلية في السوق العقاري
رغم التحديات، تسير المؤشرات المستقبلية نحو تحول جذري في كيفية تطوير وتسويق المشاريع العقارية، حيث يُتوقع أن تتحول العقارات المستدامة إلى النمط السائد بدلًا من كونها خيارًا متخصصًا أو نخبويا.
أهداف الاستدامة في دولة الإمارات
بحلول عام 2030، تسعى الإمارات إلى جعل جميع مشاريع الإسكان الجديدة متوافقة مع معايير الاستدامة البيئية، ضمن إطار رؤية التنمية الوطنية المستدامة التي تدعم:
-
الحد من الانبعاثات الكربونية في القطاع السكني.
-
زيادة كفاءة الطاقة في المباني بنسبة تصل إلى 40 بالمئة.
-
دعم التحول إلى الطاقة المتجددة في المشاريع العقارية.
هذه الرؤية تفرض على المطورين تبني نماذج بناء حديثة وتكنولوجيات صديقة للبيئة بشكل متسارع.
دور التكنولوجيا في تسريع التحول
التقنية أصبحت حليفًا قويًا في تسهيل إنشاء وتشغيل العقارات المستدامة، من خلال:
-
استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل استهلاك الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
-
تطوير أنظمة مراقبة ذكية لجودة الهواء والمياه داخل المباني.
-
تطبيقات هاتفية تتيح للمقيمين تتبع بصمتهم البيئية بشكل يومي.
هذه الابتكارات لا تجعل العقار أكثر ذكاءً فحسب، بل تزيد من جاذبيته لدى جيل جديد من المستخدمين يقدّرون التقنية والاستدامة معًا.
إعادة تعريف مفهوم العقار الناجح
في السنوات القادمة، لن يُقيّم العقار الناجح فقط من حيث موقعه أو حجمه أو تصميمه المعماري، بل من خلال قدرته على:
-
تقليل الأثر البيئي.
-
تحسين حياة السكان.
-
الحفاظ على الموارد الطبيعية.
وهنا تتفوق العقارات المستدامة، كونها الوحيدة القادرة على تحقيق هذا التوازن المعقد بكفاءة واستمرارية.
خلاصة
العقارات المستدامة ليست مجرد موضة أو دعاية بيئية، بل تمثل تحولًا جوهريًا في مفهوم البناء والاستثمار. إنها تقدم حلاً شاملاً يجمع بين حماية البيئة، والاقتصاد، وتحقيق الرفاهية اليومية.
إذا كنت تخطط لشراء عقار أو تطوير مشروع، فكر في الأثر بعيد المدى. هل ستسكن في مبنى عادي، أم في بيت يوفّر لك الراحة ويوفّر على البيئة في الوقت ذاته؟ الاختيار الذكي اليوم يصنع فرقًا كبيرًا غدًا.
الأسئلة الشائعة حول العقارات المستدامة
ما الفرق بين العقار المستدام والعقار التقليدي؟
هل العقارات المستدامة مكلفة أكثر من غيرها؟
هل توجد مشاريع مستدامة فعلًا في الإمارات؟
هل يمكن تحويل منزل تقليدي إلى مستدام؟
هل هناك طلب متزايد على هذا النوع من العقارات؟